الاستاذ المحامي ناصر العايد
لا شك أن التطور الرقمي وتعدد البرمجيات والتطبيقات واستخداماتها على أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة آخذ بالسيطرة على معظم انشطتنا اليومية ومنها التعليمية والتجارية والمعاملات الشخصية لدى المؤسسات الحكومية وشركات البنوك والتأمين وغيرها الكثير.
ومع ظهور أي نشاط جديد يخدم المجتمع تظهر معه تخوفات مجتمعية ناتجة عن سؤ استخدام وتوظيف مثل هذه الانشطة وتستلزم في نهاية الامر تدخل الحكومات لضبط وحوكمة هذه الانشطة من خلال تشريعات هدفها أمن مواطنيها وسيادتها. وهذا ما سنتناوله حيث موضوعنا سيكون عن الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي هو "صرعة العصر"، أو كما نسميه "الترند"، ونرى الكل مبتهج بإستخدام نماذج ذكاء اصطناعي مختلفة في إنشاء الصور والنصوص والفيديوهات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أو تقديمها على شكل مخاطبات أو أبحاث لجهات رسمية مثل الجامعات والمعاهد الاكاديمية. ونلاحظ أن هذه التكنولوجيا والتي لا تزال في مراحلها الاولى متاحة للجميع ومن كافة الاعمار. فنجد طلاب الابتدائي يقومون بحل واجباتهم من خلال الذكاء الاصطناعي وربات البيوت يحصلن على الذ وصفات الطبخ العالمية، وطلاب وطالبات الجامعات يحصلون على الاوراق البحثية .. جميعها من خلال الذكاء الاصطناعي .. وأساتذة الجامعات يستعينون بالذكاء الاصطناعي لكشف فيما إذا كانت الابحاث هي أبحاث الطلاب أنفسهم أم أنشئت بنماذج الذكاء الاصطناعي .. والعملية تطول شرحا ووصفاً.
الافق غير واضح والتساؤلات كثيرة إن لم تكن مرعبة بالتنبؤ .. "هل هناك تبعات قانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي وهل المسؤولية جزائية .. وعلى من تقع؟"، "هل بياناتنا الشخصية عرضة للجمع والاستخدام بدون علمنا وموافقتنا؟ ... والاجابة على هذه التساؤلات ليست بالامر الهين حيث أنها مشتركة بين مزود خدمة منصات نماذج الذكاء الاصطناعي والمستخدم والتشريعات الحكومية ذات العلاقة.
استراليا مثالاً:
ابدت لجنة تحقيق مشكلة من مجلس الشيوخ الاسترالي مخاوفها بعد عدة جلسات استماع لمجلس الشيوخ مع شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي مثل غوغل وميتا وأمازون ولاما وغيرها من الشركات الكبرى معتبرة إجابات هذه الشركات على تساؤلات اللجنة فيما يخص جمع بيانات الاستراليين غير واضحة واوصت اللجنة بأن تقوم الحكومة الاسترالية بتشريع قوانين ناظمة لأنشطة هذه الشركات في استراليا على غرار القوانين الاوروبية بهذا الشأن. كما حظرت وكالة التحول الرقمي في استراليا استخدام منصة "ديب ستيك" الصينية على المعدات الثابتة والمتحركة للحكومة الاسترالية. ومن هنا نجد ان الحكومات تحاول جمح نماذج الذكاء الاصطناعي في جمعها بيانات المستخدمين وكيفية استخدامها وذلك في اطار حماية الخصوصية الفردية.
وفي الأردن نجد أن الحكومة الاردنية أولت هذا الموضوع اهتماماً خاصاً منذ البدايات تتمثل في عدة تشريعات منها قانون الجرائم الالكترونية وقانون حماية البيانات الشحصية وقانون الامن السيبراني والاستراتيجية الاردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية 2023 -2027
وفي هذا المجال، نحرص في الاعتيادية للخدمات القانونية أن نقدم لموكلينا من شركات تكنولوجيا المعلومات النصح والارشاد والاستشارات القانونية عند تنظيم عقود تطوير البرمجيات خصوصاً إذا كانت نماذج الذكاء الاصطناعي أحد مكوناتها سواء بالاستخدام أو التضمين في نفس البرمجية بما يضمن عدم مخالفة للتشريعات المحلية والدولية وفي نفس الوقت أن تتوائم هذه العقود مع الاشتراطات الدولية للذكاء الاصطناعي كما هو الحال في اشتراطات الاتحاد الاوروبي.